عندما تفتقد النجاح أو إنجاز عمل ما تقول "أنا فشلت" والفشل هو أن يخسر الشخص شيئاً يمكن أن يتحمل فقدانه، وكل فرد منا له آراؤه الخاصة عن نفسه وعن قدراته وإمكاناته ومواطن ضعفه وطاقاته، وهذه المعرفة الذاتية إذا اتفقت مع حقيقة النفس، كان المرء معتداً بذاته.. أما الفشل فهو ضربة موجهة للاعتداد بالذات.
والفشل يصيب كل إنسان.. وليس هناك ما يدعو إلى الفزع أو الاضطراب، وليس هناك ثمة ما يدعو للخجل إذا أصابك الإخفاق في عمل من الأعمال، وبخاصة إذا كنت قد بذلت أقصى ما في جهدك للقيام بهذا العمل.. فقط عليك أن تتعلم كيف تواجه الإخفاق وتعالجه على نحو لا يؤدي إلى تدمير ثقتك بنفسك.
احذر التجمد!وليس هناك من يضمن لنفسه اضطراد النجاح على الدوام.. إن الإخفاق من حين لآخر أمر عادي وجزء لا ينفصل، من الحياة اليومية.. بل يكاد يكون لازماً مثل الوجبات الغذائية تماماً.. ومع هذا يفزع الناس من احتمالات الإخفاق إلى الحد الذي يقعدهم عن محاولة البدء من جديد.. وبذلك يجمدون على حالهم ولا يتقدمون في حياتهم.
كيف يؤثر فيك الإخفاق؟تقول إحدى الطالبات "لما رأيت نتيجة امتحاني اهتزت نفسي، ولم أصدق أنني رسبت.. صحت، بإحساس أنني مظلومة، لماذا أنا؟ ومرت بضعة أشهر إلى أن استطعت العودة إلى نفسي".
لامبالاة غير حقيقية!ويعلق العالم النفسي د. دوجلاس كونج قائلاً: "لماذا يؤثر فينا الإخفاق بهذه الطريقة؟ ربما لأننا نعيش في مجتمع يؤمن بالإنجاز، وعلى حين ندّعي أن الإخفاق خطوات تعثر في طريق النجاح، فإننا نعتبر الإخفاق إساءة شخصية لقدراتنا.. بالطبع هناك من يبدو عليه عدم التأثر بالإخفاق، وأنه قادر على مواجهته بسهولة، لكن من الصعب الجزم بأن هذه اللامبالاة حقيقية.. البعض لا يتزعزع بالإخفاق من الناحية الظاهرية، لكنهم في حقيقة أنفسهم يشعرون بحزن عميق ويأس كما أنهم غير قادرين على مشاركة هذه المشاعر مع الآخرين.. وعلى النقيض الآخر نجد هناك من يتصرف بعنف وقد يصيبهم انفجار بكائي هستيري أو انهيار عصبي ومعظم هؤلاء الأفراد يمكنهم بعد فترة نسيان ماضيهم واخفاقه، والسير قدماً إلى ما يريدون تحقيقه لأن لديهم القدرة على التعبير عن خسارتهم".
تكرار الإخفاق يصقل الثقة!هل تستطيع أن ترفع من إنتاجك إذا وضعت أهدافاً أعلى من إمكاناتك؟يبدو هذا المفهوم في السنوات الأخيرة مُبهماً كما يقول العالم النفسي "هوارد جارلاند": "أليس تكرار الإخفاق يصقل الثقة؟" ويؤكد هذا العالم هذا المعنى بدراسات قام بإجرائها على عدد من الطلاب، على أساس أن تحسين الأداء، يحتاج إلى تعزيزات إيجابية للنجاح؛ فالذي يخفق مرة يدرس موقفه ونقاط ضعفه ويتقوى فيها تحاشياً للإخفاق مرة أخرى. ويؤكد ذلك متخصصو السلوك البشري.
ما أسباب الفشل؟وضع عالم النفس جلبرت رن ثلاثة أسباب للإخفاق هي:- محاولة القيام بالعمل الخطأ، أنا لا أستطيع مثلاً أن أكتب موضوعاً من الموضوعات باللغة اللاتينية إلا إذا كنت قد تعلمت هذه اللغة وقواعدها. لكنني قد أقدم على عمل دون أن أكون مستعداً له أو كفئاً له أو مهيئاً له. فالنتيجة الحتمية: إخفاق!- محاولة الفرد أداء العمل الصحيح بطريقة خاطئة، مثلاً قد تضع الفرق الصحيح للمسألة في الهندسة لكنك تستخدم القاعدة الخاطئة في حلها.. ثم إن من أسباب الفشل أنك لا تبذل كل جهدك في المحاولة. - محاولة الفرد عمل ما هو فوق طاقته وإمكاناته.. إن الفرد في كثير من الأحيان يصاب بإخفاق في عمل ما لأنه حاول أن يقوم بأكثر مما يسمح به الوقت أو تسمح به قدراته هو.
كيف نتعامل مع الإخفاق؟من المهم أن نعد أنفسنا للتعامل مع الإخفاق لأنه حتمي في حياتنا.. نحن أفراد غير كاملين نعيش في عالم غير كامل.. كما أن علينا أن نتعلم مشاركة مشاعرنا من جهة إخفاقنا مع صديق أو قريب.
لا تخفِ مشاعرك عندما تخفق:إن إخفائنا لمشاعر التجمد واليأس والخجل يدفعها إلى اللاوعي حيث تصبح أكثر خطورة.. علينا كذلك أن نأخذ هدنة ونعيد النظر في أنفسنا.. هل نحن السبب في الإخفاق أم أن السبب خارج أنفسنا، فإذا كانت الإجابة بأن السبب خارجي وليس في أنفسنا، فيجب أن ننسى الماضي ونحاول مرة أخرى. قد يعود الإخفاق إلى الشخص نفسه جزئياً أو كلياً، وقد تكون لديه توقعات غير واقعية لقدرته أو أنه يحاول الوصول إلى مستويات الآخرين.. مهما كان الحال فإنه يجب علينا أن نقيّم بموضوعية إخفاقنا، ولا نحاول أن نبحث عن مشجب (شماعة) نعلق عليه أسباب فشلنا، بينما العيب فينا.. وإذا لم نفعل، فسوف ننتهي بتكرار أخطائنا، ولا ننمو في الحكمة والفهم والمعرفة.
كيف تواجه الإخفاق؟أولاً: اعترف بخيبة أملك واسمع لانفعالاتك بالتعبير عن نفسها، ومن الطبيعي أن تشعر عند الإخفاق بخيبة أمل لذلك ينبغي عليك عقب الإخفاق مباشرة، أن تعطي نفسك فرصة للتخلص من هذا الشعور الذي أصابك. ثانياً: مارس الأعمال التي تجيدها.. يمكنك خلال المرحلة التي تعقب الإخفاق مباشرة أن تساعد نفسك على تحسين حالتك ومعنوياتك بمزاولة أشياء تجيد عملها.. إن السبب في جعل الإخفاق مُر المذاق، صعباً على النفس، هو أنه يكشف لنا أننا لسنا على قدر كافٍ من الحسن أو الكمال. من هنا تظهر الحاجة إلى ممارسة بعض الأعمال التي نجحنا فيها قبلاً، عقب إصابتنا بالإخفاق. ثالثاً: تعرّف على أسباب إخفاقك.. بعد أن تقضي بعض الوقت في التغلب على الشعور بخيبة الأمل ابحث الموقف وحاول أن تتعرف على الأسباب التي أدت إلى إخفاقك. رابعاً: تيقن من أن أهدافك معقولة؛ إذ ينبغي أن تكون الأهداف التي تصنعها لنفسك محددة، وأن تكون معقولة غير عسيرة المنال، أي متفقة مع قدراتك، ومناسبة لمواهبك. عندما تخفق مرة أو ترسب مرة أو لا توُفَّق في عملك مرة.. يجب أن تعلم أنك لست فاشلاً، فالإخفاق مرة لا تصنع منك، ولا تسمح لها أن تصنع منك إنساناً فاشلاً.. ما تحتاج إليه هو السلوك الإيجابي تجاه الإخفاق، ومن المهم أن تعلم حاجتك للاعتداد اللائق بنفسك وأن تفهم على نحو واقعي حقيقة قدراتك وإمكاناتك، وبذلك تحوّل – مهما كانت الصعوبات – إخفاقك إلى نجاح!
No comments:
Post a Comment